جسد تحت السياط

بسم الله الرحمن الرحيم
جسد تحت السياط

إثناء مسيرنا باتجاه كربلاء حيث كنا ذاهبين إلى زيارة الأمام الحسين {ع} وكان يجلس بجانبي رجل كثيف اللحية ابيض الوجه عليه سيماء المؤمنين فنضرت إليه فرأيته غارقا في التفكير ومسبحته بيده يسبح ببطء شديد
فأردت أن اكسر جدار الصمت الذي ملأ المكان فنضرت إليه فرمقني يعيناه الكبيرتان فأنزلت رأسي
وبعد قليل قلت كم الوقت ألان فسمعني ونضر إلى ساعته وقال الساعة العاشرة والربع
فقلت له هل استطيع التعرف عليك؟ فأبتسم وقال طبعا تستطيع
إنا ادعى أبو سيف اسكن في البصرة فقلت له أراك مضطربا يا عم أبو سيف فقال هو لقاءٍ مع صديقي لكن شغل تفكيري فقلت له أتمنى أن اسمع منك أكثر فقال :قبل أيام التقيت بأيمن الذي لم أراه منذ سبع سنوات
فقلت له من هو أيمن: فقال: أيمن صديقي بل هو اعز أصدقائي معا أكملنا الابتدائية والمتوسطة
وكان جريئا ويره السكوت على نضام البعث {نضام هدام العراق} عارا وركوعا للظالمين فقد انضم وهو في الثالث المتوسط إلى جماعة من المؤمنين يعملون ضد النظام العبثي المجرم ويجتمعون في اهوار الجنوب
وعند نجاحنا معا إلى الرابع العام وفي أول شهر من العام الدراسي الجديد جاءت إلى مدرستنا ثلاث سيارات تابعة لقوات الأمن اعتقلوا صديقي أيمن وبقيت حزينا وتركت الدوام في ذلك العام ،
منذ ذلك الوقت ولمدة سبع سنين لم أرى أيمن
حتى لقائي الأخير معه فنضرت إليه وهو نضر إلي فوجدته هزيلا اصفرا على وجهه اثأر تعذيب فقلت له أيـمـن !؟
قال نعم أيمن هل نسيتني ؟ فسلمت عليه وعيوننا تذرف دمعا فقلت له أين كنت طوال السبع سنين الماضية فقال بعد اعتقالي أخذوني إلى سجن المعتقلين السياسيين وبدءوا يحققون معي ولكني كنت مصمما إن لا اعترف لهم بكلمة واحدة فبقيت صابرا على سياطهم سبعة أشهر حتى جسدي أصبح متورما وبدأه اشعر بالضعف وفقدان القوة
وفي احد الأمسيات نويت إن أقول لهم كل ما اعرف وفي تلك الليلة رأيت في المنام إن الإمام الحسين {ع} جاء إلي وقال لي هل تضن يا أيمن إننا نسيناك هنا ورفع الإمام الغطاء عن ظهره ورأيت اثأر السياط على ظهره الأمام وقال نحن نتعذب معك استمر على ثباتك ، فاستقضت من نومي وقررت أن لا اعترف لهم بكلمة واحدة بعد مدة من التعذيب يئسوا مني وتركوني بدون تعذيب
فقلت له{المتكلم أبو سيف} أن شوقي يزداد إليك يوما بعد يوم كل هذه المدة
فقال أيمن الحمد لله الذي جمعنا ثانيتا ،ومنذ ذلك الوقت وأنا حزينا على حاله بسبب سوء صحته وبنفس الوقت مسرورا لأنه حصل على رضا الأمام وبالتالي رضا الله
فقلت له يا عم أبو سيف أنت يبدو عليك سيماء المؤمنين فلماذا لم تعمل مع صديقك أيمن في ذلك الوقت ؟
فقال: أمنيتي أن أناضل معه ولكن هو اتفاق بيننا هو يعمل ضد النظام الكافر وأنا أتولى مسئولية أبويه الكبيران في السن
فقلت له أجركم الله انتم الذين أخفتم النظام وزلزلتم الأرض تحت قدميه.

قصة حقيقية بتصرف

بقلم الســـ الحزين ـــاهر